عندما يعمل الإنسان في مهنةٍ معيّنة يحتاج هو بل يسعى إلى إثبات جدارته فيحمل الهموم لأجل اتقان ذلك العمل ليحصل على الهدف وهو جمع المال والرزق الحلال فكما أن الرجل يبني ركائز ليصنع هويته ويحافظ عليها أيضاَ المجتمع الإسلامي بنى ركائز تلك الهوية وكلف أبناءه بالحفاظ عليها فما هو المجتمع الإسلامي وسط تلك المجتمعات البشرية؟؟!!
كانت ولا زالت المجتمعات البشرية مفطَرة على التصنيف بين أفراد مجتمعها من حيث الغنى والفقر ومن حيث اللون أو الجنس وهلم جرا.. فعلى سبيل المثال في الحضارة الهندية كانت هناك طوائف هي من عليّة القوم وهناك طوائف خادمة لتلك الطوئف العليا فكان العبيد هم أحط تلك الطوائف وهي من تخدم الطوائف الأخرى كرجال الدين البراهمة وغيرهم وأيضاً في الحضارة الإيرانية كان الملوك لا يسمونهم بأسمائهم بل يطلقون عليهم اسم الإله وكان الملوك يقتلون من حاول أن يرتفع إلى مقامٍِ أعلى من مقامه ولم تكن الحضارة الرومانية أفضل من هذا بل كانوا يتلذذون في مشاهدة مصارعة العبيد حيث تسفك الدماء والناس ينظرون ويشجّعون ويضحكون ولم يكن المجتمع العربي بعيداً عن هذا فقد كان العرب في جهلٍ كبير حيث أن الناس كانوا يقتلون الطفلة لاعتقادهم أنّها عار عليهم..
أمّا في الإٍسلام فقد كان خلاف ذلك تماماً لقد جاء بصفته المجتمع المثالي الذي يتميز بتكريم الإنسان ووضعه في تشريفٍ إلهي أتى على لسان نبيٍّ كريم لا ينطق عن الهوى قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً" فجاء الإسلام لبناء هويّة ثابته على قيم شريفة وقيم تهدم احتقار الإنسان وتجرّده من الكرامة جاء بقيمٍ سامية عالية فكانت بعيدةً عن العنصرية المهلكة وبعيداً عن ازدراء المرأة وجاء أيضاً بالعدل والمساواة وهذا سنأتي له إن شاء الله في نقاطي اللاحقة..
الركائز التي بنت للأمة هويّتها:-
أولاً: العمل على وحدة الأصل..
قال تعالى: "يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".. فهنا جاء القانون وجاءت القاعدة الواضحة لمبدأ التفضيل فكان التفضيل بالتقوى وليس باللون ولا بالجنس ولا بالقبيلة ولا بالمهنة بل التفضيل بتقوى الله عز وجل هنا يكمن التفضيل وتكمن الكرامة للإنسان هذه إحدى ركائز بناء الهوية فكيف يتعامل ذلك المسلم مع هذه الركيزة ليحافظ عليها؟؟!
الهدي النبوي والقواعد الإلهية التي رسخت للمجتمع المسلم وجعلته مجتمع متحضّر فنجد الآن من المجتمعات الإسلامية من يُنعت بالتخلف ليس لشيء , فقط لأنه ترك هذه الأسس وتلك الركائز وذهب يبحث على الجهل ودخل في متاهات الضلال..
ثانياً: وحدة العقيدة..
لجوء المجتمع الإسلامي لعقيدة تسيّر أمور الحياة وتميّز العبادات وتثمر رجالاً صالحين يبحثون على الإخلاص في العبادات هي من جعلت من المجتمع متآخي , محب , متعاون , فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال معنى هذا أن العبادة ليست مقتصرة على الصلاة والزكاة والصوم وغيرها لا بل كل ما يقوم به المسلم يبتغي به وجه الله..
فهنا أيضاً الإسلام بنى قاعدة يرتكز عليها الفرد ليعلم ما له وما عليه والحفاظ على هذه الركيزة يكون بالانضباط بتعاليم العقيدة وما أتت به لأن "مجتمعاً لا تتوافر وحدة العقيدة بين أفراده ؛؛ الولاء فيه والانتماء مختلف؛؛ لأن الولاء للدين والانتماء له أقوى الولاءات والانتماءات وإذا اختلف الولاء والانتماء ضربت الفوضى في أطنابها وتفرق الناس وتفككت أواصر المحبة بينهم"..
ثالثاً: وحدة التكليف والجزاء..
الإسلام جاء بإرسال التكاليف للمسلم بحيث أنّه يشملهم جميعاً بدون استثناء كقول: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً".. ويمكن أن يكون مخصصاً للنساء أو مخصصاً للرجال ويكون اللفظ واضحاً فيه ولكن عندما تتداعى للأسماع آيات للنساء فقط فإنه يشمل جميع نساء المسلمين وكذلك الرجال..
فهنا أيضاً أسس تبني شخصية وهوية رائدة للمجتمع الإسلامي حيث جعل لكل أقطار ذلك المجتمع أمانةً يؤديها..
أيضاً في مبدأ الجزاء فأساس الدين الإٍسلامي هو العدل والمساواة ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين قال: "لو فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها"..
فهذه الركائز كلها أخرجت لنا مجتمعاً عظيماً يسير على خطىً واضحة وثابتة..العدل , الكرامة للإنسان , التمسك بالعقيدة الصحيحة , الأخلاق , حب الغير... كل هذه هي من جعلت للحضارة الإسلامية ذلك الصيت وتلك المكانة العالية فلذلك أتت تلك الآية: "إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً"..
فهناك أمانة على عاتق ذلك المسلم الذي يحمل هويّةً بدأت بالاختفاء فرسالات كهذه تعيد لنا وتذكرنا بالركائز الأساسية التي نمشي ونسير عليها لنصل إلى مبتغانا وإلى مرادنا لندافع عن الأمة ونحافظ على الهويّة العظمى التي بُنيت على ركائزٍ قويّةٍ شديدة..
.....مشاعر إنسان.......>>ALra2a8i<<
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق